لا يختلف اثنان اليوم أن ما حصل من ارتفاعات في أسعار العقارات السكنية في مدينة الرياض، وخاصة شمالها كان أمرا خالف جميع التوقعات، ووصل إلى ارتفاعات أصبح الطلب عليها متركزا من فئة المضطرين للشراء فقط، إذ سيدفع قيمة عالية تفوق قيمتها الاستثمارية، وأما لراغبي الاستثمار فإن الأسعار وصلت لأرقام غير مجدية اقتصاديا.
فلكل عقار قيمتان، قيمة سوقية وقيمة استثمارية، والفرق بينهما أن القيمة السوقية تعتمد تقييم العقار بالعقارات المشابهة في نفس الحي دون أي اعتبارات أخرى، أما القيمة الاستثمارية فهي قيمة العقار بناء على جدوى مقبولة من شرائه وبنائه بسعر يناسب متوسط القدرة الشرائية للشريحة المستهدفة منه، وبالتالي إذا أصبحت القيمة السوقية للعقار أعلى من القيمة الاستثمارية فهذا يعني أن أسعار العقار أصبحت متضخمة وينصح بعدم الشراء إلا لأصحاب الحاجة الملحة نظرا لتوقع نزوله لسعر استثماري يناسب متوسط القدرة الشرائية للفئة المستهدفة، وهذا ما حصل تماما في أسعار شمال مدينة الرياض إذ أن أسعار العقارات تجاوزت قيمتها الاستثمارية وبالتالي كان من المتوقع أن تتدخل الحكومة في سن إجراءات من شأنها حل المشكلة قبل أن تتفاقم، وذلك بإقرارهم للمرحلة الثانية من رسوم الأراضي البيضاء في مدينة الرياض، وهذا من وجهة نظري قرار صائب ويصب في مصلحة السوق العقاري لاستمرار الانتعاش والاستفادة من وفرة منتجات التمويل العقاري المنخفضة الفائدة لتيسير تملك أكبر عدد من المواطنين بمختلف شرائح المجتمع لمنزل العمر دون تحمل العاملين في منظومة التطوير العقاري سواء المطورين والممولين والمشترين مخاطر هذا التضخم الذي قد يكون منعشا للسوق، ولكنه مؤقت وضرره سيكون أكبر.
أتوقع أن يكون هناك تجاوب لهذا القرار في ضخ عقارات أكبر مما يكبح التضخم غير المبرر لأسعار الأراضي السكنية كما أنصح البنوك وشركات التمويل أن تقوم بتقييم العقارات السكنية بشكل دوري تجنبا لحدوث انخفاض في قيمتها يؤثر على حافظها التمويلية، كما أنصح شركات التطوير العقاري بنفس الأمر وتحديث الجدوى الاقتصادية من مشاريعهم بناء على الأسعار المتغيرة تجنبا لأي خسارة.
نقلاً عن “الرياض“